الحمد لله فاطر الأرض والسماوات.. الذي خلق كل شيء فأبدعه، وجعله دلائل علي ربوبيته وآياته.. وأجرى البحار والأنهار وأرسي الجبال الشامخات.. وجعل الشمس والقمر آيتين من آياته الباهرات وأنزل الكتاب فيه الآيات الواضحات.. وأرسل أفضل البشر بالبشارات والنذارات، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليمات.. وأصطفى له خير صحبة تمسّكوا بسنته وصاروا على نهجه، وكان لهم أسمى الصفات والأخلاقيات.. وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها، ورزقهم النصر والفتوحات.. أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار لقد أعطى الله سبحانه و تعالى داود وسليمان _عليهما السلام_ نعما كثيرة غير العلم, ألان لداود الحديد, وأعطى سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده وسخر له الريح والجن وعلمه منطق الطير...الخ. ومع ذلك لم يمتن عليهما إلا بفضيلة العلم وهو منهج الدين. قالوا: لان العلم هو النعمة الحقيقة التي يجب أن يفرح بها المؤمن, لا الملك ولا المال ولا الدنيا كلها, فلم يعتد بشئ من هذا كله, لذلك حمد الله على أن آتاه الله العلم لأنه النعمة التي يحتاج إليها كل الخلق.. فالعلم لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال ولا يعيش بدونه وبه ينال حياة أخرى رفيعة, وكلما ازداد الإنسان علما كلما كان لله أخشى واتقى, قال تعالى:"إنما يخشى الله من عباده العلماء" (فاطر 28). وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، إنما ورّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر. كما أن العلماء هم السادة وهم القادة الأخلاء وهم منارات الأرض وهم خيار الناس المراد بهم خيراً . ومع نفحات عام هجري جديد, ومع أنوار وبركات هذا الشهر الفضيل "محرم", وفي مثل هذا اليوم المبارك من العام الفائت, كانت البداية لانطلاقة موقع الشيخ العلامة عبد الله القيشاوي رحمه الله, والذي انتقل الى جوار ربه بعد 82 عاما من الفكر المستنير والدعوة الى الله بجهد القدم وفكر القلم والدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والعلم النافع الذي آتاه الله إياه, فلم يكتمه وقام بنشره في كتب قيمة وآراء حرة ونشرها بين الناس حتى لا يبقى فينا شقيا ولا محروما وعن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، وعن ابن عمر أيضاً قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يحمل من هذا العلم من كل خلف عُدُولُه ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " ولكن لكل اجل كتاب... كما انه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث, ولأن العلم حياة القلوب من العمى، ونور الأبصار من الظلم، وقوة الأبدان من الضعف، يبلغ به العبد منازل الأحرار، ومجالسة الملوك، والدرجات العلا في الدنيا والآخرة، والفكر به يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام به يطاع الله عز وجل، ويعبد به الله جل وعلا، وبه توصل الأرحام وبه يعرف الحلال من الحرام، إمام العمل؛ والعمل تابع له، يُلْهَمُه السعداء ويُحْرَمُهُ الأشقياء". ولقد قام أحفاد الشيخ عبد الله القيشاوي ومريديه ومحبيه تطوعا واحتسابا خالصا مخلصا لله سبحانه -ولا تزكي على الله احد- بتجديد ونشر أعمال الشيخ عبد الله لتكون منارة للعلم النافع, ومنبرا للفكر الإسلامي المستنير الذي يقوم على أدب الحوار واحترام الاجتهاد و الاختلاف على قاعدة " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطا يحتمل الصواب" من خلال انطلاقة هذا الموقع المتميز راجين المولى عز وجل أن يوفق أبنائه وأحفاده في خدمة هذا الدين الحنيف وان يكون لهم وللمرحوم الشيخ عبد الله القيشاوي تجسيدا لحديث المصطفى(صلى الله عليه وسلم): ولد صالح وعلم نافع وصدقة جارية, و كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه: "تعلّموا العلم وعلّموه الناس، وتعلّموا له الوقار والسكينة، وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه". وصدق الإمام علي وهو يقول" العلم نهر والحكمة بحر فالعلماء حول النهر يطوفون والحكماء وسط البحر يغوصون والعارفون في سفن النجاة يسيرون..." وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: "أُغدُ عالماً أو متعلماً، ولا تغدوا بين ذلك" أو قال "كن عالماً أو متعلماً ولا تكن الثالثة فتهلك". رحم الله الشيخ عبد الله القيشاوي وبورك له في ابنائه و أحفاده محبيه. |
|